ما هي الآفاق المستقبلية والاستراتيجيات الناجحة لقطاع تصنيع الحاسوب في المغرب؟

 المغرب ونقطة بداية عالم صناعة الحواسيب

ظن الجميع أن المغرب توقف عن سكة الإنجازات وأنها  قد انتهت،وأن سطوتهم على إفريقيا ما هي إلا صدفة مؤقتة، لكن المغاربة عادوا أقوى مما كانوا عليه. عادوا لتصدير مستقبل العشرية القادمة لاحتكار الصناعات التكنولوجية الفائقة بالقارة السمراء بقيادة عقول مغربية بآفاق عالية لتعزيز مكانة المملكة المغربية كرائد إقليمي وقاري.

المغرب ونقطة بداية عالم صناعة الحواسيب
 المغرب ونقطة بداية عالم صناعة الحواسيب

بعدما أحكم المغرب قبضته على المرتبة الأولى في قطاع صناعة السيارات والطائرات، وكذلك الأمر بالنسبة لمجال الشحن البحري وتصنيع القطارات تحت راية البراق. بدأت القصة قبل عشر سنوات بحلم بسيط وأمل للتغيير نحو الأفضل، لكن طموح المغاربة حولها لحقيقة للتحرر من الاستعمار الرقمي بأياد عربية خالصة. 

فكيف ستنجح المملكة المغربية في تصدر هذه الصناعة؟ وإلى أي حد سيتميز المغاربة؟ هذا ما سنكتشفه في هذه المقالة فابقوا معنا

صناعة الحواسيب صناعة عالمية وثورية

عندما صمم أول حاسوب في العالم إنياك ENIAC أو كما سمته الصحافة الدماغ العملاق بالولايات المتحدة الأمريكية في الرابع عشر من فبراير سنة ألف وتسعمائة وستة وأربعين على يد كل من جون ماوكلي وجون إيكيرت. لم يتخيل أحد أن يتحول لاقتصاد وصناعة كاملة، بل وسوق تجاري مغر لكبرى الشركات التكنولوجية، إذ تعتبر الحواسيب الخارقة أو ذات الاستعمال العادي إحدى أهم القطاعات الصناعية في عصرنا الراهن، كونها باتت عنصرا حيويا داخل التركيبة الاقتصادية للدول العظمى أو الطامحة للحاق بالركب.

مما يقودنا إلى الدافع الحقيقي للمملكة المغربية التي أبدت اهتماما كبيرا بمجال تصنيع الحواسيب. المجال الذي تطور بدوره بشكل غير متوقع بعدما كان حكرا على القطاع العسكري كون أن جهاز الحاسوب وفي أول ظهور له عد كأداة خاصة بصفوف القوات المسلحة التي طلبت استخدامه لاختبار مقذوفات قنابل المدفعيات وتحسين جودة التصويب قبل أن يتحول لمنتج استهلاكي بيد عامة الناس.

مع بلوغنا عصر تخمة المعلومات والثورات التكنولوجية المتعاقبة التي ساهمت بدورها في تمحيص الشركات وتطوير الصناعات وبعث أخرى جديدة. علما وأن الكومبيوتر أي الحاسوب قد تغير بشكل مثير على مر الأجيال الماضية، حيث يوجد له أكثر من شكل وحجم منها الحواسيب الفائقة والعادية المحمولة واللوحية المدمجة والمكتبية التقليدية.

يأتي ذلك بالتوازي مع التحسينات المتواصلة على أنظمة الأمان التقنية نظرا لحساسية المعلومات المتداولة على جميع أجهزة الحاسوب حول العالم بمختلف استعمالاتها، الأمر الذي أثر كذلك بالإيجاب على الاقتصاد العالمي لسوق الحواسيب الذي قدر بمائة وأربعون مليار دولار قبل عامين من الأن. 

وفقا لإيمان جروب، المجموعة الدولية للأبحاث والاستشارات لتحليل الأسواق العالمية، التي توقعت أيضا تطور هذا السوق بمعدل نمو سنوي مركب قدره أربعة فاصل ثلاثة بالمائة بداية من السنة المنقضية وحتى عام ألفين وثمانية وعشرين ليصل إلى ما قيمته مائة وثمانون فاصل اثنان مليار دولار.

ذلك بالنظر إلى توسع النشاط التجاري للكومبيوتر الذي صار يعنى بعدة مجالات صاعدة كما يحدث مع ظاهرة العمل عن بعد التي انتشرت بشكل كبير عقب عام ألفين وعشرين على غرار مسألة رقمنة التعليم والمؤسسات التعليمية بكافة بلدان العالم.

لكن لعل تضخم اقتصاد سوق الألعاب الإلكترونية والفعاليات الدولية التابعة له هو العامل الأبرز بين كل ما ذكر في ظل ما شهدناه خلال السنوات القليلة الماضية.ثم وبعيدا عن هذا النوع من الحواسيب، فإن سوق أجهزة الكمبيوتر العملاقة يعيش هو أيضا تطورا نوعيا، إذ من المتوقع له أن يتقدم بمعدل نمو سنوي مركب قدره صفر فاصل صفر تسعة بالمئة ليبلغ اثني عشر فاصل خمسة عشر مليار دولار بحلول عام ألفين وتسعة وعشرين.

 فلك أن تعلم سيدي القارئ أن الحواسيب العملاقة أو كما تعرف بالحواسيب الخارقة لا تقل أهمية البتة عن سابقتها، خصوصا مع ما تقدمه من فائدة لنظام التكنولوجيا السحابية أو لتطوير الذكاء الاصطناعي الذي بات حديث العالم مؤخرا. ومن جهة أخرى فلا غنى عن الحواسيب الخارقة فيما يتعلق بالأمن القومي الاقتصادي والعسكري المتخصص بتحديث معدات الحرب الإلكترونية وأنظمة الدفاع السيبراني.

المغرب نحو الاكتساح الأفريقي

سيدي القارئ. بالعودة الى ما ذكرناه انفا ومع تحول المغرب لقطب صناعي بارز خلال آخر خمس سنوات بل ووجهة استثمارية محببة للماركات العالمية والدول الأجنبية، باتت رؤية المملكة المغربية واضحة للعيان تحت راية البرنامج التطويري لعام الفين وثلاثين كونها قد اقتحمت بالفعل أكثر من قطاع تكنولوجي وصناعي حتى الان، اذ ليس بالخفي إن المغرب يطمح لتعزيز مكانته ضمن نادي الدول المصنعة للحواسيب بعد تجربته الأولى سنة ألفين وأربعة عشر حين أطلقت شركة أكسنت ACCENTالمغربية أول كمبيوتر هجين مصنع بالمغرب تحت مسمى موتو جي بي منديز الذي يعمل كجهاز لوحي أو حاسوب بالاسم نفسه.

 وقد وصفه كريم العزوزي المدير المسؤول عن الشركة المصنعة آنذاك والتابعة لمجموعة دي بي ام  بالمنتج القادر على منافسة الشركات الأمريكية والكورية. ثم ومع أن هذا الإصدار يعد البداية الفعلية لعالم صناعة الحواسيب في المغرب، إلا أن الانطلاقة الحقيقية والرسمية كانت خلال مطلع هذه السنة مع إطلاق شركة أطلس سيستم المغربية لمشروع جهاز حاسوب أطلس الذي يتمثل في كومبيوتر محمول من الجيل الجديد بنظام تشغيل مغربي مئة بالمئة،

من المتوقع له أن يحتوي على مجموعة واسعة من الأدوات والبرامج الحاسوبية بالتخزين والبرمجة والتعليم بهدف توفير بيئة شاملة للتواصل والعمل الالكتروني لتلبية احتياجات ومتطلبات المغاربة. يأتي هذا بجانب تضمين الحاسوب بنظام إي كاف واللغة العربية والفرنسية والانجليزية والأمازيغية لتسهيل وصول كافة المواطنين لجميع المنصات الحكومية المغربية.

فقد تم تصميم حاسوب أطلسATLAS لتسريع التحول الرقمي وتحقيق السيادة الوطنية للمملكة المغربية بعيدا عن مفهوم الاستعمار الرقمي الأجنبي الطاغي على الأنظمة المحلية منذ أمد طويل، وفقا لما صرح به المسؤولون وعلى رأسهم الخبيرة في مجال الاستخبارات الاقتصادية والمديرة التنفيذية لشركة أطلس سي ميد الشابة منار بلفقيه، التي تترقب زيادة في مواطن الشغل مستقبلا مع نجاح المشروع المنتظر، خاصة إذا ما وقع تصديره للخارج كما هو مخطط له في إطار استراتيجية توطيد العلاقات مع الجانب الإفريقي والأوروبي، ما سيساهم تباعا في دعم الاقتصاد الرقمي للمغرب وتعزيز التنمية المستدامة.

لكن من المؤكد أن لسان حال المغاربة يقول الحلم لم ينتهي بعد، والقمة لا تزال هدفنا، فهل ستنجح المملكة المغربية في أن تكون الرقم واحد إفريقيا في صناعة الحواسيب؟

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال