الأهمية الإستراتيجية للتمركز البحري المغربي بالقرب من جزر الكناري

تحديث الأسطول البحري المغربي، مواجهة أم صراع على الثروات المغمورة بالمياه؟

هذه البوارج و الفرقاطات والسفن الحربية ومقاتلات سلاح الجو البحري ليست لامريكا ولا لروسيا ولا الصين انها لبلد عربي هو المغرب الذي بدأت اساطيله تجوب البحار والمحيطات لتؤكد سطوة أساطيل كانت يوما تملأ البحار رعبا, وهاهي اليوم تعود من بوابة هي بوابة بحار أهل الدار.

البحرية المغربية بالقرب من جزر الكناري
 البحرية المغربية بالقرب من جزر الكناري


فاستعراض العضلات البحرية المغربية اليوم ليس في أرزاق مياه الغير بل في مياه لطالما كانت للمغرب وهاهي المملكة العربية التي حولت نفسها لقوة عسكرية إقليمية يحسب لها كل الحساب تناور قواتها البحرية الملكية في المياه القريبة من جزر الكناري و لمن لا يعرف قصة جزر الكناري مع المغرب .

فنحن هنا لنقص عليه في وقت لاحق من هذا المقال حكاية الجزر التي لا يعرف كثيرون أنها مغربية وحكاية الكنز الغارق في اعماق بحر هذه الجزر والذي تتصارع عليه المغرب وإسبانيا في وقت ساد التشاؤم بكثير الأزمان أن المغرب ما عاد قادر على استعادتها من اسبانيا.

 الا ان الحراك البحري العسكري المغربي المتنامي في مياه الكناري بات يقدم المؤشر عقب الاخر بان مملكة العلويين لم تنس ما كان وسيبقى لها ولان حراك المغرب لا تخطئه عين ولا لب عاقل هاهي مناورات المغرب تثير جدلا كبيرا في الأوساط السياسية الاسبانية 

بعد ان نقل نائب وزير رئاسة حكومة جزر الكناري ألفونس كابيلو قلقه الى وزارة الخارجية الاسبانية قبل أن يطلب منها على وجه السرعة بحث تبعات المناورات العسكرية التي تقوم بها الرباط على بعد مائة وخمسة وعشرين كيلو مترا فقط من سواحل جزر الكناري.

الا ان حكومة إسبانيا ما زالت تتكتم وتعتم على نتائج مباحثاتها مع المغرب حول هذه الجزر. ما يشي بخلاف كبير مع الرباط التي تترجمه لموناورات في البحر. ما يعد رداً سياسياً بطابع عسكري. وفق نهج يسير عليه المغرب في التأكيد على سيادة المغرب على تلك المياه.

وقبل أن نسهب بالحديث عن تاريخ وتبعية جزر الكناري لا بد أن نبدأ من اهم ما يتصارع عليه الاسبان والمغاربة في أعماق المياه. والحديث هنا عن جبل بحري على عمق اربعة آلاف متر. يعد كنز معادن يمتد تحت المياه الإقليمية لجزر الكناري المغربية التي تتمتع اليوم بالحكم الذاتي تحت السيادة الإسبانية.

 ولنفهم لماذا هذا الصراع المحتدم على الجبل العائد للعصر الطباشيري. فيكفي أن نعلم أنه يحتوي على تركيز معادن اكبر خمسين ألف مرة من اي موقع ارضي. لانه تشكل على غرار جزر الكناري جراء سلسلة من العمليات البركانية التي حدثت منذ ملايين السنين.

ما كان كفيلا بتراكم كل انواع المعادن على مدى كل هذه العصور. وبالتالي فإن من يسيطر على هذا الجبل فانما يمتلك جبل من الثروات والكنوز تتضمن المعادن والمواد الخام الصناعية المهمة مثل التيلوريوم والكوبلت و الأتربة النادرة.

كما تزداد الاهمية اذا علمنا ان هذا الجبل البحري المداري تمتد مساحته الشاسعة إلى جنوب غرب جزر الكناري وشمال الرأس الأخضر وغرب الصحراء المغربية. ويقع جبل تروبيك بين عمق ألف وأربعة آلاف متر. حيث تبلغ ذروة قمته تسعمائة وسبعين مترا وله قمة في الاعلى بمساحة مائة وعشرين كيلومترا مربعا.

وفي وقت يعتبر الاتحاد الأوروبي الجبل محمية استراتيجية لاحتوائه على تركيز من التيلوريوم اعلى خمسين ألف مرة من أية رواسب ارضية. فإن المغرب تعلم ان عين اسبانيا عليه. ولهذا فانها تستعد لأي صراع من اجله كما هي مستعدة من اجل كل جزر الكناري التي يمكننا أن نحكي قصتها الآن.

ولكن بعد أن ندلل على مغربيتها وفقا لاحدث الدراسات حول أصول السكان الأوائل لجزر الكناري والتي أثبتت بالدليل القاطع وبعد دراسة الحمض النووي لسكان الجزيرة بأن السكان الاوائل لهذه الجزر هم الأمازيغ ممن وصلوا إلى الجزيرة قبل ألف سنة، و شكلوا التركيبة الأساسية لسكانها قبل الاحتلال الإسباني. 

مغربية جزر الكناري


ومن أجل أن ندلل على مغربية هذه الجزر لن نعتمد على المصادر المغربية أو العربية، بل سنستشهد بالوثائق والمصادر الغربية، ومن بينها موقع بريطانيكا Britannica  البريطاني المتخصص الذي يقول إن السكان الأصليين لجزر الكناري كانوا يسمون الغوانيش، وهم مجموعة من الأمازيغ الذين عاشوا في الجزيرة منذ فترة الدولة الموريتانية منذ سنة أربعين قبل الميلاد.

 ووفقا للوثائق التي يقدمها الموقع البريطاني، فإنه خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر دخل الفتح الإسلامي إلى هذه الجزر، وبات سكان الجزر من الأمازيغ والعرب حتى سقوط الأندلس خلال القرن الخامس عشر.

 وبالعودة إلى الدراسات والبحوث الجينية، نجد في دراسة أجراها فريق من الباحثين في كل من جامعة ستانفورد stanford الأمريكية وجامعة لالاغونا La Laguna بإسبانيا بعد أن حلل هذا الفريق ثمانية وأربعين من جينات الميتوكوندريا القديمة في خمسة وعشرين موقعا أثريا عبر الجزر السبع الرئيسية، تم التأكد من أن التركيب الوراثي للسكان الأصليين لهذه الجزر القريبة من السواحل المغربية يعود إلى الأمازيغ في شمال إفريقيا بوصفهم مؤسسي التجمعات السكانية في الجزر. 

وتقول هذه الدراسة إن الأنشطة البشرية والغزو الإسباني خلال القرن الخامس عشر، إضافة لبداية تجارة الرقيق، غيرت التركيبة الوراثية للسكان الأصليين في جزر الكناري.وقد بدأت هذه التغييرات الديموغرافية فيها عندما أمر ملك قشتالة هنري الثالث جاندي بثنكور بغزو هذه الجزر، حيث توج نفسه ملكا عليها سنة ألف وأربعمائة وأربعة، قبل أن يعود بعدها إلى إسبانيا ويترك ابن أخيه ملكا عليها سنة ألف وأربعمائة وستة. 

وفي عام ألف وأربعمائة وتسعة وسبعين اعترفت معاهدة الاكاسوفاس بالسيادة الإسبانية على جزر الكناري، ثم اكتمل احتلال الجزر المتبقية سنة ألف وأربعمائة وستة وتسعين وذلك بعد سقوط الأندلس بأربع سنوات. 

ومنذ جدد كريستوفر كولومبوس جميع أساطيله الأربعة في جزر الكناري، أصبحت هذه الجزر قاعدة إسبانية لا غنى عنها على الطرق البحرية المؤدية إلى الأمريكتين. ومع حلول عام ألف وتسعمائة وستة وثلاثين استخدم الجنرال الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو الجزر كأول قاعدة للهجوم العسكري على جنوب المغرب. 

وبعد نحو خمسة عشر عاما بدأت الجزر تستقطب السياح، ما زاد من عدد الفنادق والمرافق والفعاليات السياحية بداخلها. واشتهر من هذه الجزر لاس بالماس و سانتا كروز دي تينيريفي اللتان تستقطب ملايين السياح سنويا بفضل طبيعتها الساحرة ومناخها المعتدل وشبه الاستوائي. ولا أدل على هذا من أن جزر الكناري تسمى أيضا جزر السعادة أو جزر الخالدات، وهي بمنطق الجغرافيا عبارة عن أرخبيل في المحيط الأطلسي قبالة السواحل الإفريقية. هذا الأرخبيل تكون جراء تراكمات حمم بركانية استمرت لملايين السنين، ما شكل سبعة جزر كبيرة والعديد من الجزر الصغيرة الأخرى.

وتعد جزيرة تينيريفي أكبر هذه الجزر تليها جزيرة بويرتو فنتورا. تبعد أول جزيرة حوالي مئة وثمانية كيلومترات عن سواحل المملكة المغربية. وتنقسم هذه الجزر إلى جزأين رئيسين الغربي الذي يضم العديد من الجزر مثل غران كناريا و جزر الفارو، بينما يضم الجزء الشرقي كلا من لازاروس و فورد فنتورا

ومن بين المفاجآت الكثيرة التي تخفيها جزر الكناري هو اسمها، ففي وقت يعتقد كثيرون أن اسمها مرتبط بعصافير الكناري الصفراء التي تشتهر بصوتها الجميل، تبقى الحقيقة أن اسمها يعود إلى الكلمة الإسبانية أنصورا كناريا والتي تعني جزيرة الكلاب. وتشير مصادر التاريخ إلى أن الإسبان كانوا أول من أطلق اسم الكناري على الجزر جراء انتشار كلاب البحر بكثرة في هذه الجزر. 

وبعد هذا السرد حول أهمية جزر الكناري الاستراتيجية والاقتصادية والسياحية والتي يمكن أن نضيف عليها اكتشاف مخزونات من النفط قرب مياهها مؤخرا. بعد كل هذا يمكن فهم أسباب الأطماع الإسبانية بهذه الجزر منذ سقوط الأندلس ففي وقت كانت تحاول مدريد اعتبار اسبانية جزر الكناري أمرا غير قابل للنقاش.

 أعلنت المملكة المغربية عام ألفين وخمسة عشر عزمها ترسيم الحدود البحرية مع إسبانيا، ما دفع الحكومة الإسبانية لإرسال مجموعة من الطائرات الحربية إلى جزر الكناري، ما رفع من حدة التوترات بين المملكتين المغربية والإسبانية.

وفي عام الفين وتسعة عشر عادت التوترات لتطفو على السطح عقب احتجاج الرباط على مبادرة مدريد سنة ألفين وخمسة عشر، حيث قدمت إسبانيا طلبا أحاديا لمنظمة الأمم المتحدة لترسيم مياهها الإقليمية مع وضع أرخبيل جزر الكناري ضمن مياهها الإقليمية، ما حدا بالمغرب الإعلان أن هذا الأرخبيل جزء لا يتجزأ من أراضيه ومياهه.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال